مدة خلافة عمر بن الخطاب
تعد مدة خلافة عمر بن الخطاب من أزهى الحقب الزمنية التي تقع ضمن عصر صدر الإسلام، وبالرغم من أنها ليست بطويلة أو بقصيرة إلا أن المسلمين كافةً قد استفادوا منها أيما إفادة، فلولا أعمال عمر خلال هذه الفترة لما عرفت الكثير من الدول في عصرنا الحالي شيئًا عن الإسلام، وسوف نتعرف إلى تفاصيل هذ الفترة بشيء من الدقة والإيجاز عبر موقعنا.
مدة خلافة عمر بن الخطاب
لقد دامت خلافة الفاروق عمرو بن الخطاب على المسلمين لمدة عشر سنوات كاملة، بدأت من وفاة الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه في العام الثالث عشر للهجرة، وانتهت باغتياله على يد أبو لؤلؤة المجوسي في العام الثالث والعشرين للهجرة، لكي ينتهي في ذلك التاريخ وجود فاروق الإسلام بن الخطاب ليبقى عبق سيرته فواحًا بيننا حتى وقتنا الحاضر.
اسم ونسب عمر بن الخطاب
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العدوي القرشي.
عمر بن الخطاب هو أيضًا ابن عم زيد بن عمرو بن النفيل الذي كان من الموحدين على ملة إبراهيم الحنيف، أما أخوه فكان واحدًا من الصحابة السابقين إلى الإسلام وهو زيد بن الخطاب، وعمر يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في جده كعب بن لؤي بن غالب
نبذة عن حياة بن الخطاب قبل الإسلام
ولد عمر بن الخطاب بعد النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة عشر سنة، وكان يقطن مع أهله من بني عدي بن كعب في أصل الجبل الذي يطلق عليه حاليًا اسم جبل عمر في السعودية والذي كان يسمى آنذاك بجبل عاقر، وكان عمر يعمل في رعاية الإبل الخاصة بوالده وخالاته من بني مخزوم.
كان عمر فتًا قويًا منذ الصغر تعلم المصارعة وركوب الخيل وكان فارسًا من الطراز الرفيع كما أجاد نظم الشعر، ثم دخل إلى حقل التجارة وتعلمها واتقنها حتى صار من أثرياء مكة وأشرافها، ولما كان له من شرف ومنعة أصبح سفير قريش الذي يبعثونه إلى خصومهم في حال وقوع معركة ما بينهم، ولدق نشأ عمر نشأة الجاهلية الأولى كحال غيره آنذاك أي أنه كان وثنيًا غارقًا في حب الخمر والنساء.
دخول عمر بن الخطاب للإسلام
لن نبالغ إذا قولنا أن عمر بن الخطاب كان من أعدى أعداء الإسلام منذ أن جهر النبي بدعوته، ولقد ذكرت المصادر أنه كان يعذب جارية عنده بدءًا من طلوع النهار وحتى انتهاء الليل ولا يكف عنها إلا حينما يمل فقط، وكان يتعمد إيذاء المسلمين والتنكيل بهم بأقسى وأشد الطرق، كما أنه كان يخطط بل وحاول ذات مرة أن يقتل النبي عند هجرته من مكة إلى المدينة.
فوجئ عمر بن الخطاب بأن ابن عمه سعيد بن زيد بن عمرو زوج أخته فاطمة بنت الخطاب قد أسلما، فذهب إليهما مسرعًا ناويًا النيل منهم بالسيف ودخل عليهم وجدهم يقرأون من صحيفة فضرب اخته وسقطت منها هذه الصحيفة، ثم انحنى ليأخذها ويقرأ ما بها فأقسمت عليه ألا يمسها قبل أن يتوضأ، فتوضأ وقرأها ومست قلبه فأعلن إسلامه من فوره.
عمر بن الخطاب في صحبة الرسول
بالرغم مما عرف عن عمر بن الخطاب من قسوة مفرطة إلا أنه كان يخفي في قرارة نفسه وفي مضغة من قلبه رحمة ولينًا فريدًا من نوعه، وزاده الإسلام لينًا على لينه هذا وأصبح من أقرب المقربين إلى النبي، ولقد أطلق عليه اسم الفاروق لأنه كان أول من فرق بين الحق والباطل دون هوادة، وكان دائمًا ناصرًا مناصرًا للإسلام وعزًا له في مواجهة الكفار آنذاك.
كما وكان عمر بن الخطاب من أقرب أصحاب النبي إلى قلبه وكان من حملة وحفظة القرآن الكريم حتى كتبه الله سبحانه وتعالى عنده من العشر المبشرين بالجنة، ولشدة حبه للنبي وتعلقه به كان غير مصدق ولا حتى يريد استيعاب فكرة أنه قد توفي حينما حضره الموت في العام الحادي عشر للهجرة وقال: من قال أن رسول الله قد مات ضربت عنقه!
خلافة عمر وأعماله
كانت العشرة سنوات أو مدة خلافة عمر بن الخطاب زاخرة بالأعمال العظيمة التي أفادت المسلمين أيما إفادة وأضافت إليهم وأعانتهم على نشر الإسلام، وفيما يلي ملخص بالأعمال الجليلة التي قام بها عمر في فترة خلافته:
- وضع نظام الدواوين لأول مرة عند العرب بهدف تنظيم شؤون وأعمال المسلمين وإدارة البلاد، ومن بين الدواوين التي وضعها:
- ديوان الخراج المختص بجمع الأموال من أصحاب الأراضي.
- ديوان الجند المختص برواتب الجند وعطاياهم.
- ديوان العطاء المختص بتوزيع الأموال على الفقراء والمحتاجين.
- ديوان المال والمختص بجمع الزكاة من المسلمين.
- أسس بيت مال المسلمين لجمع الأموال المستحقة من كافة المسلمين ثم توزيعها على أكثر من جهة في الدولة الإسلامية.
- أسس نظام القضاء لكي تسود العدالة بلاد المسلمين.
- قام بفتح العديد من المواقع المهمة في العالم العربي لنشر الإسلام على نطاق أوسع، فقام بفتح مصر والشام والعرق وبلاد فارس وبيت المقدس.
- أنشأ مدنًا جديدة كبرى لتكون عواصم للإسلام مثل مدينة الفسطاط في مصر ومدينة الكوفة ومدينة البصرة في العراق.
- استصلاح الأراضي الزراعية.
- إنشاء السدود والقناطر وحفر القنوات وشق الترع.
- تمهيد وتعبيد الطرق.
- ولىَّ اهتمامًا خاصًا بالتعليم.
- اهتم بأمر الخليفة السابق له أبو بكر الصديق فيما يخص جمع المصحف الشريف وإرسال وفودًا من الصحابة للمدن والأمصار لتعليم حديثي العهد على الإسلام هناك.
- وضع التقويم الهجري.
- توسيع المسجد الحرام وإعادة إعمار المسجد النبوي الشريف.
- أسس مجالس الشورى والتي انقسم إلى مجلس الشورى ومجلس العامة ومجلس المهاجرين.
وفاة عمر بن الخطاب
بينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه خارجًا لكي ينظم صفوف المسلمين لكي يأمهم ويصلي بهم الفجر وبدأ في التكبير للإقامة، أتى رجل يدعى أبو لؤلؤة المجوسي وقام بطعنه عدة طعنات متتالية في بطنه عدة طعنات فتكت بأمعائه، ولقد حاول جمع من الصحابة الإمساك بأبو لؤلؤة إلا أنه نجح في قتل ستة منهم، حتى تمكن واحدًا منهم من إحكام القبضة عليه بإلقاء ثوب عليه لكي تتعثر خطاه فسقط أرضًا وأيقن أنه ميت لا محالة فطعن نفسه بذات الخنجر الذي طعن به عمر بن الخطاب حتى الموت.
ما يجب أن نلقي له بالًا من موجز مدة خلافة عمر بن الخطاب أو قصة حياته هو أن الإنسان لا يشترط أن يكون شخصًا سيئًا حتى يطعن في ظهره غدرًا، فكان بن الخطاب عزًا للإسلام ومن أصحاب النبي ومن المبشرين بالجنة ومنصفًا للمظلوم وعادلًا لا يحكم إلا بالحق، ولكنه لقي مصرعه غدرًا وهو يقيم فرض الله في المسجد وكان ولا يزال يقال فيه حكمت عدلت أمنت فنمت يا عمر.